بعض المنتجات لا تتغير أبدًا.
كريم التفتيح سيضل دائمًا يعد بشيء من النقاء، وصفاء البشرة. لكن الشيء الذي يجب أن يتغير دائمًا هو طريقة الحديث عنه.
لأن السوق لا يبقى ثابتًا، والوعي لا يتجمد، والكلمات التي كانت تُقنع بالأمس قد تُقابل اليوم بابتسامة ساخرة.
في هذا المقال، سنأخذ منتجًا واحدًا – كريم تفتيح البشرة – ونسير به عبر مراحل تطور السوق. سنكتب له خمس مرات، كل مرة بأسلوب مختلف يتناسب مع المرحلة
ما المقصود بمراحل تطور السوق؟
كأي ظاهرة، يمر السوق بمراحل. لا يبدأ ناضجًا، ولا يبقى على حاله. بل إنه يتحرك، ويتوسع، ويتشبع، وأحيانًا يتعثر.
عندما نتحدث عن “تطور السوق”، فإننا لا نصف حالة، بل مسارا. كيف تبدأ الفكرة؟ وتنمو؟ وتنافس؟ ومتى تبدأ بالتكرار أو التلاشي؟
في هذا السياق، تمر معظم الأسواق بخمس مراحل رئيسية:
- الظهور (أو التقديم)
- النمو
- النضج
- التراجع
- التشبع
تخلق كل مرحلة من هذه المراحل بيئة مختلفة حول المنتج، وتُجبر الكتابة على التغيير. لأن ما يُقال عند الظهور، لا يُقال عند التشبع. والعبارات التي تُقنع في البدايات، قد تبدو مستهلكة في النهايات.
ما الفرق بين مراحل تطور السوق ومراحل وعي العميل؟
بساطة، لنفترض أن منتجك كريم تفتيح:
مراحل السوق تقول لك:
“هل أنت أول من يطرحه؟ أم أن السوق مشبع؟”
وتبني رسالتك التسويقية بناءً على ذلك، بما في ذلك أسلوبك ووعدك وطريقة ترويجك لنفسك.
مراحل الوعي تقول لك:
“هل يعلم العميل أنه يعاني من علامات تمدد أو بقع على بشرته؟ هل يعلم أنك تقدم حلاً؟”
وتكتب بناء عليه نصك في الإعلان أو صفحة الهبوط.
تساعدك مراحل تطور السوق على فهم الصورة الكبيرة: المشهد العام، والتوقيت، والمنافسة.
من ناحية أخرى، تأخذك مراحل وعي العميل إلى أعماق تفكير الفرد: كيف يفكر، وماذا يعرف، وماذا يتوقع منك الآن.
لنبدأ الآن بشرح مراحل تطور السوق:
المرحلة الأولى: الظهور (أنت هنا أول من يتكلم)
خصائص المرحلة:
لا يزال السوق في بداياته. لا يوجد وعي حقيقي بالفكرة، ولا منافسين في السوق.
الطلب منخفض، لكن الفضول مرتفع. العملاء لا ينتظرون؛ بل يكتشفون.
الرسالة المناسبة:
“كريم يُفتّح بشرتكِ بتركيبة طبيعية، ويمنحك إشراقة جديدة.”
الرسالة بسيطة ومباشرة، لا تهدف إلى إثارة الإعجاب، فقط تُقدّم المنتج بلغة واثقة وهادئة. لا حاجة للتفاصيل أو التبرير، فأنت الأول.
المرحلة الثانية: النمو (الجميع يتكلم)
خصائص المرحلة:
الطلب بدأ بالازدياد. المنتج أصبح معروفًا في السوق.
المنافسة بدأت تشتد. العملاء يقارنون، لكن ما زالوا مستعدين للتجربة.
الرسالة المناسبة:
“في ١٤ يومًا فقط بشرة أفتح، ملمس أنعم، إشراقة طبيعية.”
الفكرة نفسها ولكن بشكل مُعزز. هنا نلعب على عامل السرعة، والنتائج الملموسة، والتجربة السريعة.
لأن الجمهور يعرف المنتج، لكنه يحتاج إلى سبب لاختيارك.
المرحلة الثالثة: النضوج (السوق الشكاك)
خصائص المرحلة:
السوق مزدحم. العملاء جربوا ولكن غالبا خاب أملهم.
الوعود مُبالغ فيها وبالية. الثقة بحاجة إلى إعادة بناء، لا إلى ترويج.
الرسالة المناسبة:
“كريم التفتيح الوحيد الذي يحتوي على خلاصة [X]، معتمد من أطباء الجلدية لعلاج تصبغات ما بعد الالتهاب.”
هنا نروج للاختلاف في الطريقة وليس الفكرة. آلية جديدة، مكون فعال محدد، مصداقية طبية، وبدون مبالغة.
المرحلة الرابعة: التراجع (الجميع نسخة من بعضه)
خصائص المرحلة:
جميع المنافسين يقدمون الوعود نفسها. الاختلافات طفيفة، والعميل سئم من التكرار.
لا جديد إلا في التفاصيل.
الرسالة المناسبة:
“كريم X بخلاصة فيتامين X بتركيبة تمتصها البشرة في 6 ثوانٍ فقط. قوام أخف ونتائج أسرع”
هنا لا نغير “ما” نقدمه، إنما “كيف” نقدمه (أسرع، أو أوفر، أو أكثر راحة).
المرحلة الخامسة: التشبع (نبيع الشعور أو التحول)
خصائص المرحلة:
السوق مُشبع. الاختلافات التقنية لم تعد تُقنع أحدًا. العميل هنا يبحث صورته الذاتية وليس وظيفة المنتج.
في هذه المرحلة العميل يشتري النتيجة أو الشعور وليس المنتج.
الرسالة المناسبة:
“لأنكِ تستحقين أن تري نفسكِ كما أنتِ”
“لأن النقاء حقيقتك”
هنا نبيع شعورًا داخليًا وليس مجرد تفتيح للبشرة. منتج يعكس صورة المرأة الذاتية ويُعيد إليها ما نسيت.
الآن أعتقد أنك تذكرت علامة تجارية مشهورة تبيع مثل هذا الشعور.
نفس الكريم. نفس المنتج للعديد من المنافسين، ولكن هل لاحظت كيف تغير أسلوب الكتابة خمس مرات؟
لم يتغير المنتج، لكن السوق تحرك، والوعي تغير، والمنافسة ارتفعت.
صياغة كلمات جميلة لوحدها لا يكفي، فالكلمات المقنعة لا تُصاغ فجأة، لأن الإقناع يتطلب أدوات وأساليب تبدأ برحلة بحث طويلة قبل الكتابة، والكاتب المحترف يعي هذا جيدا ويسعى في كل مرة جاهدا في ابتكار أساليب تتكيف مع مرحلة تطور السوق ووعي العملاء ويعرف من يخاطب بالضبط.
للمزيد من الفائدة: