عندما بدأت في ممارسة الكتابة حرصت كل الحرص على تطبيق مبدأ الوضوح والبساطة، وكنت دومًا أجمع نصائح الكتّاب الذين اشتهرت كتاباتهم بالوضوح.
في هذه التدوينة سأسرد نصائح لجايسون فرايد، فهو رائد أعمال ناجح وكاتب معروف بكتاباته حول الأعمال، الإنتاجية، والابتكار، حيث يتميز بنهجه الواضح والمباشر في الكتابة. كما يعد من أبرز الأصوات التي تدعو للكتابة بوضوح وفعالية.
في الواقع لم يفرض على نفسه تقنيات معقدة ليصل لهذا التميز في الكتابة، بل على العكس تمامًا، كان يتبنى بساطة مذهلة في الكتابة والتواصل.
إليك 4 نصائح سهلة من نهج جايسون فرايد لكتابة أكثر وضوحًا وتأثيرًا:
1. التوقف عند الصعوبة:
عندما تصل لمرحلة لا تستطيع فيها تكوين جملة واحدة فهي إشارة للتوقف والراحة، وليست حبسة الكاتب.
إن بذل الكثير من الجهد والإلحاح في مطاردة الأفكار أو الكلمات لا ولن يأتي بنتائج فريدة، وعلى العكس فعند التوقف للراحة والانخراط في ممارسة نشاط لا علاقة له بموضوعك تأتي الأفكار ببساطة!
تشير الكثير من دراسات علم نفس الإبداع إلى أهمية استرخاء العقل، ولا داعي هنا للاستشهاد بمصادر لإثبات هذه الحقيقة، فغالبًا ما مررت بتجارب مماثلة وتساءلت في نفسك "كيف جاءتني هذه الفكرة دون أي جهد ولا استعداد؟!"
إن لم تتدفق الكلمات بسلاسة فلا معنى للإبداع هنا، فالإبداع لا يفرض بالإجبار، بل يأتي بهدوء وربما فجأة ليملأ تلك الفراغات -بلطف- وينتج شيئا فريدًا لا يتكرر.
2. التركيز على التواصل لا الكتابة:
الكتابة ليست مجرد كلمات على الصفحات، بل هي أداة اتصال بين الكلمات والقارئ، وحوار صامت بين الكاتب والقارئ.
قبل التفكير في تحسين محركات البحث ضع اهتمامات قراءك في الاعتبار، ركز دائمًا على ما يثير اهتمامهم. كن واعيًا لمشاكلهم وتحدياتهم، وتعاطف معهم من خلال كلماتك.
كيف يمكنك معرفة ما إذا كان موضوعك مثير لاهتمام قراءك أم لا؟
من خلال الإجابة عن:
- هل ما سأكتبه سيقدم قيمة حقيقية لأحدهم؟
- هل سيساهم في تحسين حالته بعد القراءة؟
إذا كانت إجاباتك بنعم، فأنت على الطريق الصحيح لكتابة محتوى مؤثر وملهم.
تذكر هذا جيدًا.. الهدف من الكتابة ليس في الكم بل في الجودة، ليس في ملء الصفحات، بل في إيصال الرسالة ببساطة ووضوح لتترك أثرًا في عقل القارئ وربما قلبه أيضًا.
3. احتضان العيوب:
يشبه فرايد عيوب الكتابة بالعيوب الطبيعية التي تجعل سجاد النافاجو تحفة فريدة.
مثلما تمنح تلك العيوب الفريدة سجاد النافاجو هويته وتميزه، فإن عيوب الكتابة تضيف لمسة إنسانية خاصة، تجعل كل نص يحمل طابعه الخاص ويعكس أصالة كاتبه.
عند البدء في الكتابة اكتب سريعا وبثقة، ولا تبالغ في التحرير فتضيع معالم الوضوح وتفقد نصوصك صوتك الشخصي.
لا تسعّ للكمال المطلق بل احتضن تلك العيوب وتقبل النقص لتمنح نصوصك تلك اللمسة الفريدة التي تعكس صوتك الحقيقي.
4. الاختصار هو المفتاح:
الاختصار مفتاح الوضوح. فهو يحقق التوازن بين عمق الرسالة ووضوحها.
الاختصار لا يعني الغموض ولا التذاكي، بل القدرة على التعبير عن الأفكار بأقل عدد من الكلمات، دون أي فقدان لجوهر المعنى.
ينصح فرايد "إذا كان النص من خمس صفحات فاجعله صفحة، ثم إلى فقرة، ثم إلى جملة أو حتى كلمة".
لتتمكن من اختصار نصك افهم أولاً المعنى العام للنص، وحدد الأفكار الرئيسية بحيث تحاول التركيز على جوهر الرسالة، فكلما قلت الكلمات زادت قوتها حيث تترسخ الأفكار بشكل أعمق، فالرسالة التي تصل بكلمة واحدة أو جملة موجزة تحمل في طياتها قوة وتأثيرًا أكبر.
ماذا لو اعتمدنا مبدأ البساطة في الكتابة؟
سنتحرر من التقنيات والمعايير المعقدة التي تثقل كواهلنا، وتعيق إبداعنا، وتحبطنا في كل مرة.
سنخلق فرصة لفهم ما نريد قوله دون عناء، ليبدو الأمر كما لو أننا نفتح نافذة لتطل بوضوح على جمال الفكرة، والأهم ستبرز أصواتنا الفريدة وأصالة كلماتنا.